الأربعاء، 9 مارس 2011

وظيفة مختلفة لصحافة مابعد الثورة

عبد العزيز المجيدي
aziz.press7@gmail.com
يفضل روبرت فيسك ممارسة الصحافة باعتبارها"وظيفة تحدي السلطة ومراكز النفوذ ". هذا ما يراه صحفي ذائع الصيت جاء من  أعرق الديمقراطيات في العالم : بريطانيا.  قد لا تكون ممارسة الصحافة في العالم الديمقراطي على هذا النحو من الصرامة في الالتزام، لكن الصحافة لم تكن يوما في هذه البلدان بوقاً للحاكم كما حدث ويحدث في واحة الديكتاتوريات المرتعشة في منطقتنا العربية تحديدا.

 لذلك شاهدنا كيف بإمكان صحفي أن يطيح برؤساء دول عظمى تهيمن على العالم. حدث هذا في سبعينيات القرن الفائت عندما أجبر صحفي الرئيس الأمريكي نيكسون على التنحي في ما عرف لاحقا بفضيحة ووترجيت.
والذين كانوا ينظرون في منطقتنا إلى مستوى تجربة كتلك باعتباره حلما بعيد المنال، ربما سيتوجب عليهم التحلي بالكثير من التفاؤل الآن.
ما حدث في تونس ومصر لا بد أنه سيعيد صياغة المعادلة التي كانت تقوم على الدوام بين الحاكم ونفسه، حيث  الهيمنة المطلقة مقابل لا شيء في الطرف الآخر :  الناس أو الشعب .  ستحطم الثورتان  اللتان حدثتا في البلدين كل مفاهيم الإعلام التابع والخاضع التي صاغتها أنظمة البلادة العربية، وسنشاهد إعلاما مختلفا يؤمن بالتعدد ويطرد كل ذلك السأم المكتسح لنشرات الأخبار طوال ساعات . لقد استيقظ الناس ليقولوا كلمتهم، وسيتعين على الإعلام الذي ظل  مختطفا في قبضة أجهزة تعبوية أن يحلق مع الناس خارج هيمنة عقود  جعلت الإعلام والصحافة وظيفة صفيقة وبائسة مهمتها الوحيدة أن تكون ظل الحاكم وليست عينا عليه. لقد كانت الهزيمة للأنظمة في هذا الميدان حتمية، فوسائل الاتصال والإعلام صارت أوسع وأرحب وخارج قدرة العقول الهرمة على تقييدها . وكانت هذه الديكتاتوريات هشة وضعيفة أمام طوفان شبكات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر، فهذه الأخيرة كانت أشبه بصالة اجتماع ضخمة للملايين، خرجت منها أخطر القرارات التي تغير وجه المنطقة الآن.
هذه حقبة جديدة لن تزعزع المفاهيم السياسية للحكم في المنطقة العربية فحسب، بل ستكون مفتتحا لتغييرات هائلة ستشمل كل مجالات الحياة، ولن يوفر الطوفان أحدا.  سيبدأ، لا محالة. زمن تمارس فيه الصحافة كوظيفة " لتحدي السلطة ومراكز النفوذ"، ولن يكون روبرت فيسك وحده من يفعلها . 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق