الأربعاء، 18 يونيو 2014

لُعبة الزنداني المفضلة

                                   

عبدالعزيز المجيدي

aziz.press7@gmail.com 


على هذا الرجل أن يتوقف عن اختطاف الدين واستخدامه كمترس .
هذا ديننا العظيم السمح، وعبد المجيد الزنداني وأتباعه ليسوا مخولين من الله للتصرف بالإسلام وفقا لأهوائهم . أرح الإسلام، ولو لبعض الوقت يا رجل، وادخل عالم السياسة التي خبرتها من أي دهليز واستخدم أدواتها بلا مواربة.  
يستيقظ الزنداني، في توقيتات محسوبة بعناية، وهو ماهر في تأدية طقوس ظهور جاذبة .  هذه المرة  يعود إلى واجهة المشهد، و" برعاية الله " يعقد مؤتمرا للدفاع " عن الكتاب والسنة " حاشدا أتباعه ضمن ما يسمى هيئة علماء اليمن.

ما تزال الشريعة لافتة الشيخ الأثيرة، وهو مدين لها بالكثير، فكلما وجد نفسه على الهامش، يصطحبها ككيس رمل إلى معركة تخصه وأحلافه لممارسة القنص باسم الإسلام . 
أظن أن علي صالح، سيكون ممتنا لصديقه السابق، الشيخ، فقد خرج في التوقيت المناسب، عندما كان الأول يعاني وأحدا من أصعب مآزقه السياسية: قوات الحماية الرئاسية تغلق قناته التلفزيونية التي كانت جزءا من العلاج النفسي لرجل "مهووس بالسلطة " وبالظهور " كزعيم "، ثم وضع اليد على الجامع الذي كان يستخدمه مركزا لممارسة "أحلام العودة" هو وعائلته . للمرة الأولى يجد الرئيس السابق نفسه أمام خسارة أشياء كان قد اعتقد أنها بمثابة متعلقات شخصية .  لذلك بدا الزنداني كما لو كان يقدم خدمة جليلة لرفيق عمر، يشاطره الشعور بالعزلة. 
كان صالح، واضع لبنات جامعة "الإيمان " المختصة بتعليم التطرف، يستنفر أقاربه وعصبته وأتباعه  للدفاع عن" بيت الله " وكان الزنداني رئيس الجامعة، في نفس الوقت، يسنده من الطرف الآخر، بمؤتمر " للدفاع عن الكتاب والسنة ".  
الاثنان كانا يتملقان العواطف الدينية الصادقة للبسطاء، ولكل منهما غاياته السياسية بالتأكيد، مع الأخذ بالاعتبار سجل الزانداني المتفوق في اعتلاء منصة " الدين " وتاريخ صالح المعروف في توظيف الرموز الدينية و "الإسلام" عموما لشرعنة سلطته طوال عقود .
في أجواء عاصفة ، حيث يقتل اليمنيون كحشرات عابرة، وتتردى حياتهم إلى قاع بلا نهاية، يخرج الزنداني متلفعا بالشريعة، حارسا للدين، مخوفا الناس من  دستور "علماني "  مرتقب .   أيا يكن الموقف من مؤتمر الحوار، فالمعلوم أن الزنداني كان يبحث عن حصة " للعلماء " في المؤتمر، والآن يريد الانقضاض على المخرجات باسم الشريعة والإسلام المفترى عليه. 
لدى الرجل سجل سيئ يثبت أن خطابه الديني لم يكن أكثر من أعمال دعائية ذات هدف محدد : تحقيق مكاسب سياسية وغالبا شخصية. أشهر سيف الشريعة والإسلام في مواجهة الحزب الاشتراكي بعد الوحدة، وخاض حربا شرسة ضد الدستور "العلماني" في حينه، لكنه سرعان ما تناسى كل ذلك وأصبح شريكا في الحكم، عضوا في مجلس الرئاسة، في ظل الدستور " العلماني "نفسه الذي حشد الناس لمناهضته !.
لا أحد من أتباعه سأل نفسه وقتها : هل أسلم الدستور أم كفر الشيخ ؟
 لا حقا، وخلال بضع عشرة سنة من  تنصيب الشريعة في الدستور الذي كتبه المنتصرون، أصيب الزنداني بالخرس. ربما كان مطمئنا بان أعمال النهب واللصوصية التي دمغت حكم المرحلة الذهبية للفيد تجري " على الكتاب والسنة "! 
لقد استخدمت " الشريعة " بصورة قذرة، لزيادة منهوبات صالح وعلي محسن ، وأركان حكم الفيد العتيد، بينما كانت شاهدا على أكبر عملية تدمير للوحدة في وجدان اليمنيين، واصابتها في مقتل عند الجنوبيين تحديدا.  
مَن منكم سمع هذا الرجل الذي توارى لرعاية مشاريعه الخاصة، يقول كلمة محتجة ضد قبح نظام صالح، ولو من باب " قول كلمة حق في وجه سلطان جائر"؟ على النقيض من ذلك، كان الزنداني مخلصا، لـ"صالح" وعصابته، وظل وفيا له في مراحل مهمة، وسانده بقوة في الانتخابات الرئاسية في 2006 تشجيعا له على ما اقترفه في الجنوب واليمن  عموما.
حتى أثناء انتفاضة الشباب، لم يكن الرجل البارع في إلهاب حماسة العامة، يجازف بلعب أكثر من دور وسيط  يسعى " للصلح " بين الشباب وسلطة صالح. لكأن خروج الناس إلى الشارع ناجم عن خلافات شخصية على "جربة"، وليست انتفاضة ضد نظام موغل في الفساد ومدمر لكل حياة سوية . وحين لاحت له الأمور شروقا يصنعه دم الفتيان، خرج مساندا صالح، من منصة ساحة "التغيير"، بخطبة مبشرة " بدولة الخلافة "، المفردة التي كان يعرف جيدا أنها ستؤلب الخارج على ثورةجيل نقي وصادق. 
وقتها كان الشباب يفتدون البلد بأرواحهم، بينما غادر " شيخ الدين " ذائع الصيت، إلى حياته الخاصة ووجهة آمنة، مدججا بالحراسات والأسلحة،  زاهدا بـ"الشهادة" ولو من باب التضحية من اجل " الخلافة الموعودة ".
سيحتاج الزنداني، لا محالة لتفتيش أرشيفه، بدءا من " جهاد" الأفغان، برعاية  الأمير تركي الفيصل والاستخبارات الأمريكية، مرورا بعمليات ِصدام وعنف، حشد لها هذا الرجل في جميع الأنحاء، وأودى بآلاف الشباب إلى الموت في حروب عبثية تحت مسميات دينية، ودائما كان وحده الظافر بالنجاة والغنائم في الختام . 
باسم الإسلام، يذود الزنداني اليوم عن القبيلة، ولا يريد دستورا ينص على المواطنة المتساوية، وحقوق الإنسان أو التعامل المحترم مع المرأة . هنا، تتماهى ذهنية هذا " الشيخ " مع حملات التشويه التي يشنها متعصبون من أديان وملل أخرى، إذ يقدم إسلاما مناهضا للعدالة .. وهمجيا ! 
صنف الإسلام الذي يستهوي الزنداني وجماعته على ما يبدو، ذلك الذي يوزع الموت بوحشية، عبر آلات بشرية، كما شاهدنا في مستشفى العرضي، وحفلات الشواء شبه اليومية التي تصطاد أفراد الجيش والأمن.
حان الوقت لأن يصرخ الجميع : كفى عبثا بديننا، فالإسلام ميسور وسهل، ولا يحتاج إلى كرادلة ووسطاء يمنحون  " صكوك الغفران "  للمذنبين.   
كلنا معنيون بالدفاع عن الإسلام، من العبث، ومن حق الجميع أن يتعبد الله بالطريقة التي استقر عليها قلبه، بلا إكراه اوتعدي. عد إلى حياتك الباذخة يا هذا، فما عادت مثل هذه البضاعة قادرة على خداع الناس كل الوقت .                

هناك 3 تعليقات:

  1. شخصت فشخصت ابصارهم الى الحماقات بوركت ايها القلم الشجاع

    ردحذف
  2. شخصت فشخصت ابصارهم الى الحماقات بوركت ايها القلم الشجاع

    ردحذف
  3. شخصت فشخصت ابصارهم الى الحماقات بوركت ايها القلم الشجاع

    ردحذف