الأربعاء، 17 يونيو 2009

أطول طريق إلى مائة شمعة


عبدالعزيز المجيدي
aziz.press7@gmail.com
هذا العدد من صحيفة صوت الشورى سيسجل بهذا الرقم:(100). وبالنظر إلى تاريخ أول إصدار من الصحيفة فإن الرقم  أقل  بكثير مما ينبغي.
لقد استغرق الوصول إلى هذا الإصدار زمناً بنحو 9 أعوام، أي بمعدل 11 عددا في السنة.
هل يستحق الأمر الاحتفاء؟
نعم، في اليمن يبدو الأمر منجزاً في ظل مزاج يحكم البلد بهواجس «البيان رقم واحد».


صاحبتُ ولادة العدد (صفر)من الصحيفة برئاسة الزميل عبد الله صبري. كنت وقتها متعاوناً، وفي طور النشأة.
وكانت فرصة مميزة بالنسبة لطالب جامعي ما يزال يتلمس طريقه إلى عالم الصحافة الوعر. وقبل المساحة منحني العزيز عبد الله الثقة كأهم سلاح في معركة الانتماء للمهنة.
جاء إصدار الصحيفة عوض توقيف صحيفة الشورى ذائعة الصيت بحكم قضائي عام 2001م.
بعد استئناف الشورى الإصدار تحولت  الصوت إلى شهرية ونحت جانب الاهتمام بالفكر، وأفردت للمادة الصحفية مساحة أتاح  لي صديقي صبري جزءاً منها.
في المساحة المفتوحة في الصحيفة تعلمت الكثير من المهارات التحريرية والمهنية، ذلك الذي لا تستطيع توفيره ملازم الإعلام.
بسبب الحرية الممتدة في صفحات الشورى وصوتها  دفع الجميع ثمناً باهظاً: المحررون في الصحيفة الحزب الذي تصدر عنه و الصحافة اليمنية في المجمل.
لم تصبح الشورى هدفاً للخطف، والمصادرة لأنها كانت تستغل الهامش، بل لأنها حاولت التحليق في أفق مفتوح يُخضع كل ممارسات الحكم للنقاش.
بعد سنوات من السيطرة المسلحة على « الشورى» وصوتها تحاول هذه المطبوعة  العودة وسط حصار بدأ يمتد إلى الصحف المستقلة.
لعل الجميع يدفع ثمن خذلان صحيفة  أسرتها «غواية  الحرية» فحلقت بعيداً حتى سقطت برصاص قناصة يذودون عن العبودية!
صمتت  الأحزاب مع أن الصحيفة كانت تطلق أجراس إنذار قبل سنوات من الوصول إلى  الراهن الخطير في أحوال  البلد.
أتذكر أن قيادياً في حزب الإصلاح كان يهدد قبل الانتخابات الرئاسية عام 2006م  بالاعتصام  عند مقر التلفزيون والإذاعة ضد احتكارهما لمصلحة الحاكم.
لم يعد التلفزيون فحسب رهن احتكار الحاكم.باتت المؤسسات الصحفية الحكومية كذلك بعد منع الصحف المستقلة من الطباعة.
هل نحتاج إلى انتخابات كي تنشط حماسة من عيار التهديد البارد؟
بورق تجاري  وكمية محدودة، هذه هي  كل ممكنات صوت الشورى القائمة الآن للإصدار. ليست هذه ظروف مثالية لإطفاء مائة شمعة. لقد أطفأ الحكام في الطريق إليها عديد سنوات بلا شورى أو صوت باستثناء سياطهم الحارقة  وصحافة مقطوعة اللسان.
غالباً  يحتاج المرء في هذا البلد إلى جهد خارق وعمر إضافي لإنجاز أشياء عادية. ودائماً هناك مسافة طويلة  وغير منظورة  تفصلك عما  تسعى إليه مهما كان بسيطاً. لكنك  من النقطة التي تقف عندها تكون قد قطعت الشوط الأكبر إلى حتفك وانطفائك الأخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق