الاثنين، 25 يوليو 2011

وطن في مهب التوريث.. (2)*

تحقيق :عبد العزيز المجيدي
aziz.press7@gmail.com
موجة ردود تنفست عبر الهاتف: منها المنفعل بحساب الاستهداف الشخصي، ومنها المتفاعل لإضافة معلومات لم نذكرها.. في التحقيق الذي نشرته الشورى في عددها قبل الماضي، ناقشنا مشكلة بات السكوت عنها تواطؤاً ضد الوطن ومستقبل جيل بأكمله يتطلع الى وطن مزدهر يسود فيه القانون والدستور وتعلو فيه قيم المحبة والمساواة والعدل..




كان الهاجس مهنياً ووطنياً بحتاً، لم نكن نبحث عن الإثارة أو الاستهداف في وطن يتأرجح تحت ضربات التوريث.. ولم تؤرقنا حسابات البحث عن الشهرة في وطن يمنحها للصوص والمرتزقة. معاناة ذلك الفقير المعدم إلا من ولد إجتزأ من قوته لإعانته على مواجهة المستقبل وتلقي العلم ليجد نفسه ملقى على قارعة البطالة، كانت وقودنا الذي تزودنا به للإنطلاق ومحاولة خلع بعض أستار تزيِّف الواقع. وجموع خريجين بعشرات الآلاف ممن فقدوا سند العائلة ودفع الأسرة في الحصول على الوظيفة.. قوَّتنا التي أعملناها في أعماقنا لكشف حقائق الوطن الملغوم بالتوريث.
                  وطن منهك وناس مقهورين.. وتوريث أيضا
لا شيء غير الوطن.. المنهك..، والناس المقهورين والقانون المستباح من علية القوم حركنا باتجاه ملف مفخخ بقادمات غير سارة. المهاتفات المتشنجة اعتبرت الأمر قدحاً في شخوص معينة.. وعللت: لماذا ذُكر فلان ولم يذكر فلان؟! ودوماً كنا نردد: لم نكن بصدد إحصاء.. ويستحيل ذلك، لقد كنا نضع القارئ والمهتم على نماذج فقط.. نماذج للمشكلة التي دوخت وطناً في طريقه الى الخصخصة.. ثم أن الحصول على معلومات كتلك، من خلال الإدارات المختصة مستحيل رابع يضاف الى مستحيلات العرب الثلاثة. ومستحيل خامس أن كان الباحث عنها صحيفة معارضة تدخل في عداد المحرمات الرسمية!! نصارحكم أن جهداً بذل في هذا الاتجاه لكن الفشل كان الخاتمة.. حالاً سنعاود الكرة.. وسنضيء بعض زوايا بعضها معتم وبعضها تأتي هنا لتأكيد ما سبق.

من في رأسه بطحه فليتحسسها ذلك مثل متداول من الجيد أن يحظى بالتأمل في هذا السياق. تصلح الافتراءات لإثارة زوبعة سرعان ما تدحضها الحقائق. وللطرف المفترى عليه أن يضع أعصابه في ثلاجة.. لأن ثقته بافتقاد الإفتراءات للأدلة.. لا تكلفه ردود أفعال غاضبة، فضلاً عن أنها لا تستحق الإلتفات. لكننا حين دلفنا ميدان التوريث تبلورت الردود كاشفة عن بطحه واسعة تتزايد مساحتها يوماً إثر آخر. المبرر أمني.. يُبرر للرئيس كشخصية عسكرية اتخاذ تدابير تدخل في إطار القلق الأمني على المستويين الشخصي والحكم في بلد يشاع فيه أن مغامرات المتطلعين لا تحد.. ربما يتفهم البعض في هذا السياق بحسب -المبررين- إيكال بعض المهام القيادية الأمنية الخاصة لمقربين عائلياً ومناطقياً. الوطن ليس شخصاً يخضع الجميع لحساباته واعتباراته التي ربما تكون مبررة في بلدان العالم الثالث. قطعاً نحن من هذه الدول،لكن لا داعي للمزايدة باسم الديمقراطية والعدل والمساواة وجميعها مفقودة، والتداول السلمي للسلطة قائم بين الآباء والأبناء.

لم يكن رئيس الجمهورية بحاجة إلى أن يؤكد بأن القوات المسلحة والأمن تمثل رمزاً للوحدة الوطنية، لأنها يجب أن تكون كذلك جنوداً وصف ضباط، وضباطاً وقيادة ما لم يكن ثمة شيئاً مختلفاً (!!). وكان الرئيس مطلع الأسبوع قبل الماضي في الاحتفال العسكري الأمني الأمن المركزي عندما حضرت في احدى المرات وسألت الجنود عن محافظاتهم، وجدت أن كل محافظات الوطن موجودة أمامي

. وبينما كان الرئيس يلقي خطابه بالمناسبة كانت الكاميرات التليفزيونية لا تغفل وجوه مقربين من الأسرة يحتلون مواقع قيادية في القوات المسلحة منهم رجل الأعمال أركان حرب الأمن المركزي يحيى محمد عبدالله صالح. وخلال الفترة التي ذكرها الرئيس في خطابه تطور القوات المسلحة لم تكن خارطة توزيع المناصب القيادية في القوات المسلحة للجيل الثاني من العائلة قد اتضحت مثلما هو الحال اليوم بعد التطور.
              أحمد يحرق المراحل ويصبح قائدا في غمضة عين
تستطيع القراءة الموضوعية لتمكين العقيد الشاب أحمد علي عبدالله صالح من حيازة لقبين عسكريين في وقت قياسي و قيادة قطاعين عسكريين يتجهان لأن يكونا الضاربين في القوات المسلحة الخروج باستنتاج:الرغبة المحمومة لركوب موجة إعداد الأبناء للسلطة في الجمهوريات العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج.
في القوات المسلحة والأمن قد تكون المحافظات جميعها موجودة وإن بشكل متفاوت،.. وفي الوضع السوي ليس ثمة حاجة للتمثيل المناطقي أصلاً. لكن الأوضاع مجملة في الجهازين المدني والعسكري ليست بالشكل المرضي، وما هو موجود هناك، نسخ كثيرة منه توجد هنا.
يستأثر مقربون في القوات المسلحة والأمن بمواقع وتأثيرات ذات ثقل،.خريجون مثلاً من كليات عسكرية لا يحظون بمكانة وتأثير زملائهم القادمين من المناطق القريبة من السلطة وإن كانوا الأكفأ، والأجدر تأهيلاً.. وما يحدث في القاع.. انعكاس للقمة في الهرم العسكري.
 أحمد علي عبدالله صالح قائداً للحرس الجمهوري و القوات الخاصة، بحكم الضرورات الأمنية، وقراءة المستقبل!! هي ذاتها الضرورات جعلت من يحيى محمد عبدالله صالح أركان حرب الأمن المركزي وإن كان عملياً هو القائد الفعلي للأمن المركزي خليفة لأبيه المرحوم. أما أخوه الشاب طارق زميل دفعة أحمد والمتخرج حديثاً فقائداً للحرس الخاص. وعُين قبل هؤلاء كانت صلة القرابة تدفع بمحمد صالح الأحمر الأخ غير الشقيق لرئيس الجمهورية لقيادة القوات الجوية منذ وقت مبكر.
                      وزارة الدفاع في جيب الرئيس
 عقب زيارة قام بها لمقر الفرقة الأولى مدرع بصنعاء. طالب وزير دفاع دولة الوحدة قبل الحرب العميد هيثم قاسم طاهر بتحويل مقر الفرقة إلى مقر لوزارة الدفاع بديلاً للمقر المعروف وسط العاصمة.- بحسب ما تردد آنذاك- مبرر هيثم كان: الموقع العسكري الهام للفرقة، ما دفعه إلى اعتبار وزارة الدفاع الحقيقية هي الفرقة الأولى مدرع.. التي يقودها القريب للرئيس: العميد علي محسن الأحمر.
في القطاع المدني برز اسم الشاب توفيق صالح ابن أخ الرئيس على رأس أكبر شركة تبغ في البلد. وما يزال توفيق متسلماً قيادة شركة التبغ والكبريت الوطنية، التي توفر عائدات مرتفعة.
 دائرة الأقربين المحظوظين بقيادة قطاعات عسكرية مهمة تجاوزت القرابة الأسرية لتتسع بشكل أقل شاملة بعض أبناء منطقة مسقط الرئيس: محمد علي محسن مثلاً قائداً للمنطقة الشرقية ومهدي مقولة قائداً للمنطقة الجنوبية، وصالح الضنين القائد العسكري الهام في تعز والذي يوصف بأنه المسؤول الأول هناك. بالإضافة إلى عبدالله القاضي، قائد أحد المعسكرات الهامة ومحمد عبدالله حيدر في إب، والعميد حمود الشيخ مدير كلية الطيران والدفاع الجوي.. قطعاً لن نستطيع الإحصاء لكنها مقاربة لإيضاح بعض ملامح صورة الوطن.
لم تعد هناك ميزة مجبرة على المساواة كوننا أبناء وطن واحد اسمه اليمن. وليست مسؤولية القانون الذي حدد طبيعة الارتقاء والتنافس في مجال الوظيفة والمنصب.. أنك مقصي عملياً عن التنافس عوضاً عن مزايا ومميزات، لو كدحت عمراً كاملاً لن تطالها. القانون يمكن ان يفاخر به كنص، والدستور كتيب جميل يزين مكتباتهم لكنهما مقصيان عملياً عن الفعل. ها هو عبد الواحد عبد العزيز عبد الغني مسؤولاً من العيار الثقيل في وزارة التخطيط، وذاك أخ له مسؤول في هيئة الاستثمار. كم من المستحقين للترقية إلى هذا المنصب منعه عنهم تعيين إبني رئيس مجلس الشورى.
                  مزايا أن تكون قريبا من أقرباء الرئيس!

 لو لم يكن نعمان دويد أخاً لأحد أنساب الرئيس، هل كان سيحصل على موقعه الحالي كرئيس لمصنع إسمنت عمران؟ كذلك أخوه محمد دويد سكرتير الرئيس، وابن عمهما يحيى دويد رئيس مصلحة أراضي وعقارات الدولة؟! وبغض النظر عن الاقتدار هل كانت الكفاءة والمؤهل هي المعيار هنا؟.. وهل كانت الشهادات أم انه البعُد الاستكشافي في المحيط العائلي والعشائري. لا تحلموا بالحصول على عشر معشار الفرصة التي حصل عليها أحد أبناء القاضي في الجمارك، قبل ذلك تخلصوا من كابوس حلم الوصول إلى ما حصل عليه علي صالح القاضي خلال الأسبوعين الماضيين إذ عين مديراً عاماً للشركة اليمنية للاستثمارات النفطية!!
 لو كان لأحد آبائكم لقب وزير الداخلية مثلاً لأستطاع ضمان توظيف نجله بدرجة مدير عام في شركة النفط كما حصل مع عبدالحافظ رشاد العليمي.
بات الوطن كعكة تشحذ مراكز قوى أوجدتها الظروف وحسابات شخصية سكاكينها للظفر بقطع مناسبة بحسب المقاسات وأحجام النفوذ. وبينما تستأثر جماعات الحكم بكل شيء، يضيع الوطن ولا يبقى منه سوى فتات تشبه نتف اللحم العالقة بين أنياب متوحشة. يُنهب الوطن وتعيث مافيا الفساد بتلافيف مقوماته.. تسود شريعة الغاب.. وتعلو جعجعةالقوي على طحن الضعيف المنتج. يتكالبون على النفط ووظائفه منذ عدة سنوات وخريجون مؤهلون في الداخل والخارج يلهثون وراء فرصة تو إضطر هؤلاء للعمل في البوفيات والمطاعم، ومحلات التجصيص في معركة يائسة لسَدَّ الرمق..
 نجل النائب مديرعام في النفط وابن البشيري كذلك في الأشغال
وحدهم أبناء الذوات تفتح لهم الأبواب المغلقة ومن غير خدمات مارد مصباح علاء الدين. في وجه الرعية أوصدت كل الأبواب بينما عبدربه بن عبدربه منصور هادي الذي تخرج حديثاً يعين بدرجة مدير عام في وزارة النفط. ابن نائب الرئيس يحصل على جزء من نصيب والده في الكعكة رغم حداثة تخرجه وصغر سنه.
مزايا الوزارة التي تمنح كل مدير عام سيارة آخر صرخة وبعض امتيازات مالية يجري التهافت عليها على قدم وساق بين مراكز نفوذ متعددة. ويبدو أن إسم النفط كان كافياً لخوض تنافس فوقي ما مكن أيضاً إبن مدير عام مكتب الرئاسة من نيل درجة مدير عام في ذات الوزارة. المغريات نفسها وموقع الوالد مكنت عادل عبدالهادي الهمداني - ابن نائب مدير عام مكتب الرئاسة - من لقب مدير عام لإدارة المحطات بالوزارة. وعلى نفس المنوال منح ابن البشيري درجة مدير عام في وزارة الأشغال مع تمكين المهندس الجديد من الطواف في الإدارات لاختيار المكان الأنسب.
 والقرابة كانت ميزة " بزي"  ابن أخت البشيري للحصول على مدير عام في صندوق صيانة الطرق. القاسم بين هؤلاء حداثة تخرجهم من الجامعات. ونفوذ الآباء والأقارب. قرابة عمر الأرحبي، وهو أخ لأحد أصهار الرئيس قادته إلى منصب نائب مدير عام شركة النفط. الجديد أن أخ مدير عام مكتب الرئاسة الذي يعمل مديراً لفرع شركة النفط بصنعاء أسندت إليه مهمة رئاسة لجنة التأثيث لمبنى وزارة النفط الضخم في شارع الزبيري وبقرار عالٍ. النفط بقرة البلاد الحلوب يستحق عناء وتعب مسؤوليات هؤلاء رغم حداثتهم، لنتقبل الأمر فهو لا يعدو كونه نوعاً من المران لتحديات المستقبل.(!!) لا وساطة.. لا قرابة.. لا أمل أنتم لا مستقبل لكم، ترضون بالفتات، ومع ذلك يأنف الفتات قبولكم.. (!!) هم يقولون - لا نحن - أن المخالفات في الموازنة الوظيفية المخصصة للأعوام 2002-2001م وصلت إلى %80. هل تمتلكون الواسطة للتحايل على قانون الخدمة المدنية الذي أعد لكم وحدكم؟!


                  اعترافات وزير بين يدي البرلمان

حسناً.. يمكنكم أيضاً المغامرة المباشرة ودفع رشاوٍ ومبالغ مالية كبيرة لشراء درجة وظيفية في أحدى الإدارات الحكومية.. حتى الدرجة الوظيفية العادية التي لا تسد رمقاً ستحصلون عليها بشق الأنفس (!!) في الأسبوع الماضي كان وزير الخدمة المدنية يعترف: بلغت نسبة المخالفات في تنفيذ الموازنة الوظيفية خلال الأعوام 2002-2001م (%80). لجنة القوى العاملة والشؤون الاجتماعية بمجلس النواب من جهتها أوردت في تقريرها مخالفات قانونية وتلاعباً في إجراءات تنفيذ الموازنة الوظيفية للعام 2003م من قبل الجهات الرسمية. التقرير رصد مخالفات إرتكبت في صنعاء وذمار وإب وحجة شملت تلاعباً بالدرجات الوظيفية وتغيير بيانات المسجلين. وتحت مطالبة اللجنة البرلمانية الحكومة بمساءلة وزارة الخدمة المدنية وإحالة المخالفين للقضاء. أكد الوزير بأن مجمل المخالفات سببها تدخلات عليا وتلاعب في قضايا التوظيف من الفئات الدنيا -طبعآً من موظفي الوزارة.
يا سادة: ليس لكم شيء ووحدهم لهم كل شيء، ليس من حقكم التساؤل عن الميزة التي يمتلكها إبن الوزير الشاب حسين العواضي ليعين مسؤولاً في المركز الإعلامي بالأردن.. ويبدو صعباً البحث عن كيفية منح يحيى الشعيبي ملحقية لأخيه وصهره. كما ليس متاحاً لكم السؤال عن الكفاءة التي يمتلكها إبن وزير المالية ليعين في الملحقية الإعلامية بالسفارة اليمنية بالأردن. ليس المراد القول أن أولئك كلهم بلا مؤهل أو كفاءة انما المؤكد ان كل ذلك لاقيمه له بدون قرابة. ومثلاً الدكتور نزار غانم اديب وفنان لكن لم يُعيَّن ملحقاً في السودان الا في عهد صهره الوزير القربي.. وللملحقين حكايات وحكايات… يقول البعض أن تبني بعض أبناء المناضلين او الشخصيات الوطنية اختياره للمنافسة في الانتخابات الرئاسية تحيطه الكثير من علامات الاستفهام. حين نشير في جولة سريعة إلى وباء يتسلل لكتم أنفاس الوطن تندفع السنة متعفنة للحديث عن أعداء الوطن.. والوطن في اعتقادهم: ذواتهم،، مصالحهم وامتيازاتهم المسروقة.
                  حرمان من الحق والكلام أيضا
قل ما تشاء مما لا يسيء إلى من نصبوا أنفسهم وطناً بديلاً.. وحين تحاول الاقتراب من حمى الوطن المسلوب تلدغك عقارب وثعابين يقتلك سمها الزعاف باسمه. وطن أم إقطاعية الوطن اليوم بات إقطاعية توزع بحسب القُرب… ولم يعد الأمر مقتصراً على إسم بعينه، ومن نحتوا لهم مكانة في سجل القوى النافذة صار لهم أسهمهم في الوطن البورصة. ظل د. عبدالكريم الإرياني لفترة طويلة قادراً على التأثير في كثير من المجريات السياسية، في المقابل كانت قدرته أكبر في حصول أقاربه على مناصب عليا. كما أستطاع وزير الخارجية السابق ورئيس مجلس الوزراء الحفاظ على نصيب العائلة من الحقائب الوزارية، في أكثر من حكومة.
 القضية صارت ذات أبعاد مختلفة… التعويض مثلاً واحد منها. حامد أحمد فرج عُين رئيساً للهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد ومحمد بن محمد إسماعيل وكيلاً لوزارة التجارة. وبذات طابع توريث الوظيفة والمسؤولية المنتهجة بشكل سافر مُنح الشيخ محمد أحمد منصور القدرة والقوة على منع منافسة ولده في الدائرة الانتخابية التي يحتكرها منذ أول انتخابات لما كان يسمى مجلس الشورى في الشمال قبل الوحدة. وليس محمد بن محمد منصور المحتكر لعضوية مجلس النواب عن دائرته منذ ما قبل الوحدة سوى نموذج لأمثلة كثيرة عن التوريث في المجلس بدءاً بالشيخ عبدالله ورباعيته داخل المجلس مروراً بمحمد رشاد العليمي، وبسام علي حسن الشاطر وجبران مجاهد أبو شوارب. كيف صعد هؤلاء لعضوية المجلس؟! ولماذا لم يستطع مواطن كالزميل محمود شرف الدين الحصول على فرصة منافسة ابن محمد أحمد منصور؟!.. المنافسة في واقع كهذا تغدو شططاً.
 إرادة التوريث للوجاهة كانت الأقوى والمحيط الاجتماعي كان مستسلماً كالعادة لغلبة الأقوى وإن كان غير مرغوب!!. هوس التفضيلات الأسرية والقروية والمناطقية كالخلايا السرطانية المجنونه تقتحم الجسد في كل الاتجاهات. وعلى نحو مخيف وصل الأمر إلى المؤسسات التي يعول عليها في إعادة المناعة إلى الجسد المتهاوي. والجامعات تسقط! واتساقاً مع التوجهات السائدة سقطت الجامعات في بؤرة تلك التفضيلات، ولم يعد لافتاً تعيين إبن فاشل لأحد عمداء الكليات معيداً على حساب حق أحد الطلاب المتفوقين. مثل هذا يحدث الآن بشكل مقلق.
 آخر ضحايا تعيينات الأقارب القاصة بشرى المقطري عضوة الهيئة الإدارية لإتحاد أدباء تعز.. صادر حقها في الحصول على الإعادة للتدريس في الكلية نائب رئيس جامعة تعز. الطالبة بشرى التي حصلت صحيفة النائحة المستأجرة التي أوردت الحالة الأسبوع الماضي نقلت عن بشرى المقطري قولها: الشعور بالظلم مؤلم وقاس، يحرمونك بقوة من الحصول على حقك ومكانك الطبيعي، والنتيجة: يجعلونك ناقماً على كل شيء في البلد.
لم يكن لهؤلاء التطاول وحرمان مستحقين من حقوقهم، لو كان ثمة قانون.. نظام… دولة تقوم على العدالة والمساواة و احترام العقل. مكنت القرابة أشخاصاً من مناصب رفيعة لم يُنظر إليها أكثر من كونها مغنماً وهدايا ترضيات.

         مصاهرات الرئيس وأقاربه على حساب الدولة

أحمد عبدالله الحجري محافظاً لتعز، ومنذ فترة لم يتزحزح، ويبدو أن أصهار الرئيس كُثر وقرابته من بعض البيوت بفعل علاقات النسب والمصاهرة تضيف أعباءً على كاهل الدولة. خالد الأكوع سفيراً في الرياض، وخالد عبدالرحمن الأكوع وكيلاً لوزارة الخارجية، وأبوه وزيراً للشباب والرياضة، وفضل الأكوع في وزارة التأمينات. وأحمد الكحلاني آخر الأنساب -وزيراً للدولة أميناً لأمانة العاصمة. لوزير الشئون الاجتماعية والعمل الأرحبي أن يشكر المصاهرة إذ منحته الحق في إضافة لقب وزير لاسمه. وجعلت خالد الأرحبي نائباً لأمين عام رئاسة الجمهورية، والشاب عمر نائباً لمدير عام شركة النفط. ضيف الله شميله ليس بعيداً عن أجواء القرابة ليكون تارة سفيراً هنا وتارة أخرى هناك.. والأعمال التجارية الخاصة نشطة في الداخل والخارج.. ليشكر الله كثيراً على نعم المسؤولية والتجارة في آن!!.
 من حق الجميع أن يكونوا كما يشاؤون.. هو حلم خاص، وكفاءة واقتدار يجب أن تمرر عن طريق القانون. لكن النسب والقرابة حين تكون معياراً لشغل المناصب والترقيات، وفرص التوظيف يصبح الوطن ملكية خاصة، ويصبح المواطن ريشة تتقاذفها الأهواء والفقر والبطالة التي لا تسري على أبناء الذوات. لمن يزرعون اليوم ألغام التوريث عليهم الاستعداد لحصاد مُر..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشر هذا التحقيق الصحفي في صحيفة الشورى ( الحلقة الثانية ) في 28 ابريل 2004م .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق